Take a photo of a barcode or cover
A review by larakas1
التائهون by Amin Maalouf
3.0
“ ماذا تفعل حين يخّيب البلد أملك؟ لا يعود بلدك.. و سوف تصبح بنهاية المطاف بلا بلد.
لوددتُ أن يكون لكلماتي تأثير عليك، لوددت أن تُفلح كلماتي في إقناعك بأن تتسامح مع هذا البلد ، أن تتقبله كما هو. سَيكون دومًا بلد الأحزاب و الفوضى و المحسوبيات و المحاباة و الفساد. و لكنه كذلك بلد العيش الرغيد و الدفء الإنساني و الكرم و بلد أعز أصدقائك."
"أنا لم أرحل إلى أي مكان، بل لقد رحل البلد"
حين قرأتُ تلك المحادثة بينهم رأيت نفسي أتفق مع الطرفين. فمرةً أكون ذلك الذي قد هجر البلاد، و نزعها من قلبه. و مرةً أدع البلد يرتسم علي كأنه عنواني.. و قد يعود السبب بأننا نربط مفهوم الوطن و البلد بعدة أمور و على أثرها تتكون العاطفة، سواء كُرهًا أو حُبًا.
فعندما أتذكر بلدي بحروبه، و نزاعاته، و طوائفه، و جرائمه، لا مجال للحنين و الحب في قلبي. و حين أربط البلد بالحاضر الذي أعيشه، فبوسعي أن أقول أن البلد قد خَيب ظني لأنني من المواطنين اللذين لم يعيشوا في بلدهم و لم أتعرف على بلدي بنفسي.. بل من خلال الأخبار و النزاعات.. تعرفتُ على بلدي من خلال غُربتي. و حتى حين أزور العراق لا تزال الغُربة جزءٌ مني.
فلستُ أنا من هنا و لست من هُناك
و لكنني حين أتذكر "البلد" بأهلي، و أعزُ الناس لي، أرى أن الحنين يكادُ يَخنقني. أسمعُ حكاياتهم عن ماضي العراق، عن أيامهم فيها فيُحرقني حنيني لمفهوم بلدٍ لا وجود له الان و لكنه حيٌ في الماضي
بلى العراقُ العظيم و كيف له ألا يكون… و لكن هل كانت الحروب و النزاعات و ظُلمنا له أعظم؟ هل نحنُ من خذلنا البلاد أم أنه هو الذي خذلنا؟
و بذات الوقت أُدرك أن رؤيتي للبلاد بحتةٌ من عواطفي. فيوجد الذي يُمجد العراق الان و يوجد الذي يأسف عليها كحالي.
الاغتراب و الانتماء يتضاربان بداخلي، يتصارعان. أنا يومٌ المغتربُ البعيد من بلاده و يومٌ العراقي الذي يحنُ لأرضه. هكذا تكون تناقضاتي.
لوددتُ أن يكون لكلماتي تأثير عليك، لوددت أن تُفلح كلماتي في إقناعك بأن تتسامح مع هذا البلد ، أن تتقبله كما هو. سَيكون دومًا بلد الأحزاب و الفوضى و المحسوبيات و المحاباة و الفساد. و لكنه كذلك بلد العيش الرغيد و الدفء الإنساني و الكرم و بلد أعز أصدقائك."
"أنا لم أرحل إلى أي مكان، بل لقد رحل البلد"
حين قرأتُ تلك المحادثة بينهم رأيت نفسي أتفق مع الطرفين. فمرةً أكون ذلك الذي قد هجر البلاد، و نزعها من قلبه. و مرةً أدع البلد يرتسم علي كأنه عنواني.. و قد يعود السبب بأننا نربط مفهوم الوطن و البلد بعدة أمور و على أثرها تتكون العاطفة، سواء كُرهًا أو حُبًا.
فعندما أتذكر بلدي بحروبه، و نزاعاته، و طوائفه، و جرائمه، لا مجال للحنين و الحب في قلبي. و حين أربط البلد بالحاضر الذي أعيشه، فبوسعي أن أقول أن البلد قد خَيب ظني لأنني من المواطنين اللذين لم يعيشوا في بلدهم و لم أتعرف على بلدي بنفسي.. بل من خلال الأخبار و النزاعات.. تعرفتُ على بلدي من خلال غُربتي. و حتى حين أزور العراق لا تزال الغُربة جزءٌ مني.
فلستُ أنا من هنا و لست من هُناك
و لكنني حين أتذكر "البلد" بأهلي، و أعزُ الناس لي، أرى أن الحنين يكادُ يَخنقني. أسمعُ حكاياتهم عن ماضي العراق، عن أيامهم فيها فيُحرقني حنيني لمفهوم بلدٍ لا وجود له الان و لكنه حيٌ في الماضي
بلى العراقُ العظيم و كيف له ألا يكون… و لكن هل كانت الحروب و النزاعات و ظُلمنا له أعظم؟ هل نحنُ من خذلنا البلاد أم أنه هو الذي خذلنا؟
و بذات الوقت أُدرك أن رؤيتي للبلاد بحتةٌ من عواطفي. فيوجد الذي يُمجد العراق الان و يوجد الذي يأسف عليها كحالي.
الاغتراب و الانتماء يتضاربان بداخلي، يتصارعان. أنا يومٌ المغتربُ البعيد من بلاده و يومٌ العراقي الذي يحنُ لأرضه. هكذا تكون تناقضاتي.