A review by rashed
عندما بكى نيتشه by Irvin D. Yalom, إرفين د. يالوم, خالد الجبيلي

5.0

كنت اعتبر كل من يقول ان كِتاباً ما قد غير حياته يبالغ ومحموم بالحماسة المفرطة لفكرة القراءة أولا قبل الكتاب, لكن بعدما ان قرأت هذه الرواية وفي توقيتٍ مٌناسب, على القول أن تغييرٌ عظيماً حَدثَ لدواخلي, هذه الرواية التي عرفتني على "فريدريدش نيتشه", "نقيض المسيح" الفيلسوف الذي اقام الدنيا ولم تقعد من ذلك الحين.. كان نيتشه بالنسبة لي مُجرد فيلسوفاً آخر اقرأ اقتباساته وامر عليها كما تمر سحابة صيف فوقنا.

بدأت بقراءة هذه الرواية وانا في ظروف داخلية تتنوع ما بين عدمية أشعر فيها في عظامي ومشاكل شخصية مع اشخاص من حولي, مع ذلك النمو الداخلي الذي يصاحب اغلب الذكور, ذلك الجِسر ما بين الصبابة والرجولة.. جِسرٌ خطير ومُخيف وشعور هائل بالانسلاخ عن كل ما هو أعتيادي في مجتمع مُستهَلك ومُستهلِك..
كان لهذه الرواية اثرٌ عظيم ساعدني في الانقضاض على العدمية وتكبيلها ورميها بعيداً..

ان كبرياء نيتشه ونبالته وسلاطة قلمه جميعها كافية لجعلك تحب هذا الانسان, ذلك الذي لم يجد من يفهمه في عصره.. فكتب لنا نحن أبناء الالفية..
هذه الرواية لهي مدخلُ ممتاز لمن يريد الولوج الى فلسفة نيتشه او فلسفة المفكرين الآحرار, الحوار الطويل والفلسفي والعميق بين نيتشه والدكتور بريور سوف يأخذك ويعزلك بعيداً, انهيت الرواية في أربعة أسابيع.. وصاحبني حزنُ مطول لأنها انتهت سريعاً..

منذ ان انهيت هذه الرواية تغييرت وجهاة نظري تجاه الكثير من القضايا, التمرد الصبياني لم يعيد يغرييني والانسان عليه أن يبقى على رأسه هرمه وأن يحافظ على ما قدمته له الطبيعة ويسير على خطى تطوره نحن الانقى والأفضل والاذكى والاقوى, سواءً على المستوى الفردي او العائلي او الاجتماعي او على مستوى الدولة ككل.. نيتشه يتحدث الى أولئك الافراد ضمن الحشود التي تطغها عليها رداءة ما بعد الحداثة, نيتشه يعلمنا الحقائق التي الصعبة التي علينا ان نفهمها عن الحياة, ويظهر لنا ان "كل ما لا يقتلك يجعلك اقوى"! وان المعاناة تكنس الغبار عن الذهن وتجعل الفرد طموحاً ومندفعاً وتجعله لا يرضى الا بالأكمل والاجود..

لن ابالغ اذا قلت أنه بأمكانني أن اتحدث عن هذه الرواية أياما.. وبعد هذه الرواية قررت البدأ بقراءة اعمال نيتشه لمدى توافقيتها مع عصر ما بعد بعد الحداثة..