Take a photo of a barcode or cover
A review by shehab_eldin
الحب يدوم ثلاث سنوات by Frédéric Beigbeder, حسين عمر
4.0
’’ الحب هو معركة خاسرة سلفاً ’’
نعم أصدقائي الحب معركة خاسرة، وقد يدوم أقل من ثلاث سنوات، أصدقاء كوكب الزمردة والزهرة، تمهلوا قليلاً عليّ.
في بداية الرواية، هناك أمر لفت نظري أكثر من الكتاب نفسه، كاتب فرنسي يلعن الحب؟ كاتب فرنسي من بلاد الحب والجنس، من بلاد أيفل وباريس! يتحدث عن عبث الحب، وإنه بلا جدوى؟ حتى ولو في جزء قصير من الكتاب فقط؟ أدب رولان وفيكتور هوجو وأناتول فرانس وألبير كامو وصموئيل بيكت، وغيوم ميسو مؤخراً، لا يعرف السخرية من الحب إلا قليلاً، بالطبع تلك ليست قاعدة عامة، لكن من أشهر سمات الأدب الفرنسي القديم، والمعاصر نوعاً ما، المبالغة في الحب، وإن كان بالطبع عرف الأدب الفرنسي جميع المدارس الأخرى من الأدب كالواقعية وغيرها، لكن ربما الأدب الرومانسي تميزوا فيه أكثر من غيرهم بلا شك.
حسناً هل يدوم الحب ثلاث سنوات؟ نعم وربما لا يتم عامه الثاني من الأساس؟ تلك الرواية بالنسبة لي تمثل الأدب الذاتي في أقوى صورة، أنا احسد على الكاتب على شجاعته المذكورة في الرواية
قد يشمل الأدب الذاتي، أكثر وأصعب التجارب الذاتية للكتاب، منها التعذيب، والجوع، والفقر، والشقاء، والتعاسة، ولكن كاتبنا هنا يحكي تجربته الذاتيه عن الخيانة الزوجية! يعلنها أمام الجميع نعم
’’ هل لدي الحق في أن أهجر شخصاً يحبني؟
هل أنا قمامة؟
ما الجدوى من الموت؟
هل سأرتكب الحماقات نفسها التي ارتكبها والداي؟
هل يمكن للمرء أن يكون سعيداً؟
هل يمكن للمرء أن يقع في الحب دون أن ينتهي ذلك إلى دماء ودموع؟ ’’
إذا نظرنا إلى الكتاب بنظرة العاطفة ولو لحظة - دون الحكم كالقاضي - ستتعاطف مع الكاتب وستتعامل معه كحالة مرضية نوعاً ما، مصاب بأنفصام المشاعر والحب، مضطرب الخاطر والقلب، في أول ثمانين صفحة من الكتاب، قد تكره الحب والزواج والنساء من حديث الكاتب عنه؟ ثم في المائة وأربعين الأخرين من الرواية، سيحدثك الكاتبه عن حبه الجديد! وكيف هو متيم بها، بل يتعذب لأجلها في كل ليلة، ومع ذلك لا يخلو فصل واحد من فشله الاسبق في الحب، يطغى الماضي على الحاضر، الماضي يهزم كل شيء، يأكل الأخضر واليابس، إذا جاء الماضي، فعلى الحاضر أن يخضع له كرهاً وطوعاً، وهكذا عاش كاتبنا خائفاً من ماضيه - الفاشل - حتى عامه الثالث من حبه الجديد - الناجح - فبالله عليكم ألا يستحق التعاطف؟ أنا متعاطف معه؟ أشعر به، ولم لا أقول صدقاً قد مررت بما مر به كثيراً وأنا في أول عمري وغير متزوج
تخيل أن تلك المرأة التي تخيلت أنك تعشقها حد الجنون، تحبها حد السماء والنجوم، لا تطيق صوتها حولك حتى في لحظة واحدة ويتركك قلبك وحيداً أنت وجسدك معها، ويذهب إلى فاتنة سمراء أخرى؟ اللعنة علينا نحن نخون حتى ولو أنتهت الخيانة من العالم أجمع.
’’ الحب كارثة رائعة، أن يعرف المرء أنه سيرتطم بالجدار ومع ذلك يُضاعف من سرعته ’’
هل يخون الرجال دوماً؟ هل يفشل الحب دوماً؟
دعونا نتفق أن الكاتب يطرح أفكار ومشكلات حقيقية في الرواية خصوصا في الجزء الأول، ومنكم من يملك الجرأة أيها الرجال، فليعترف أنه فكر فيها ولو لمرة واحدة في عمره، فليعترف أنه خان حبيبته ولو بنظرة، ولو بفكرة، ولو بخاطر حول أمرأة أخرى، ولو بنظر إلى ساق امرأة في فيلم مصري قديم، فليعترف أمام الجميع، بأنه لولا حدود الدين، والقيم والمبادئ، لولا احترامه لنفسه ولحبيبته، لذهب إلى سرير اللاتينيات في شواطئ الكوباكابانا؟! أنت تخجل من ذلك، وربما أنت من المرحومين برحمة الله من ذلك، لكن كاتبنا كان من الغالبية العظمى وجهر بفعلته ليس إلا.
’’ أعتقد أن مشكلتي هي أنني أقع في الحب ولكنني لا أستطيع الحفاظ عليه. ’’
على كل حال أنا لا ادافع عنه، فالأخطاء لا تملك مبررات؟ لقد خان الكاتب زوجته وأنتهى الأمر، لقد خانته زوجته وأنتهى الأمر، لقد ذهبت لغيره، وذهب لغيرها، لست أنا المعصوم لأدافع عنه في الأساس، وانا ضد فكرة التعميم، فليس من حقه تعميم تجربته الشخصية - الفاشلة أو الناجحة - على جميع تجارب الحب، قد يدوم الحب أكثر من ثلاث سنوات، ربما يصل إلى خمسة أو سبعة، ثم يحل مكانه الاعتياد وحب التملك الجديد.
حسناً سؤالنا الأخير في هذه المراجعة؟ هل يعرف كاتبنا الحب بشكله الصحيح؟
مهلاً ورويداً، دعونا نتأمل دون أن نبدد الكاتب بما لا يحمله من وزر، في غضون 15 دقيقة من البحث الأليكتروني ما بين الكتب، والاقتباسات والمدونات عن تعريف الحب "الفعلي" وجدت 96 تعريفاً! ولولا إني اكتفيت لتخطيت حاجز المائتين تعريف.
يقول الموقع الفلاني هؤلاء 10 تعريفات للحب - حقيقية -، والأخر تعرف على افضل تعريف للحب، والكاتب الايطالي سين يعرف الحب بالطريقة الآتية، والكاتب الفرنسي صاد يرى الحب كذلك، تعرف على الحب الدوستويفسكي، ماهو الحب عند شيكسبير؟ كيف رأى توفيق الحكيم الحب في رواياته؟ الحب المحفوظي كيفما كان؟ ما هي وجهة نظر فيكتور هوجو في الحب؟
حب فرانس كافكا وميلينا، حب غادة السمان وغسان كنفاني، حب رسائل الأحزان للرافعي، غيوم ميسو وأحدث تعريفات الحب، الرؤية الفلسفية للحب الأفلاطوني؟ سقراط لا يعترف بالحب الجسدي؟ سقراط يعتد بالحب الروحي؟ في جدال آخر متناقض! سقراط لا شان له بالحب.؟ الفيلسوف عمر الخيام؟ من هو عمر الخيام؟ لا أحد يعرفه حق المعرفه من الاساس فما بالكم بالحب في رباعياته الفعلية أو المنسوبة إليه حتى؟ هل الحب ديني فقط؟ هل الحب هو حب الرسل والأنبياء؟ حب محمد وعيسى وموسى؟ حب الملائكة الجليل؟ أم أن البشر يملكون حب آخر غير تلك المذكور في كتبنا السماوية؟ هل يحتاج العالم للحب؟ هل يرغب الحب فينا؟ ام نحن من نرغبه؟ هل هو غريزة فيسيولوجية؟ هل هو غريزة نفسية؟ هل شهوة جسدية فقط؟! هل هناك عضو بعينه مسؤول عن الحب؟
وأخيرا دعونا ننظر إلى الحب الصوفي، الحب الألهي، جلال الدين الرومي وسلطان العاشقين ابن الفارض كيفما كان الحب عندهم!؟
ما فائدة كل ذلك إذاً؟
يا أصدقائي نحن الأن نتخطى حاجز الـ8 مليار شخص حول العالم؟ بأي عقل نبحث عن تعريف واحد للحب؟
التعريف الحقيقي للحب هو أنه لا تعريف له من الأساس لا مفهوم ثابت له، لا وضوح له، لا يعترف بالقيم الثابتة، لا يعترف بالأسس الواحدة، لا يعترف بوحدة الكون، النفس البشرية متغيره بعدد نجوم السماوات! نعم جميعناً من طين، لكننا نعيش على تراب مختلف في بلاد مختلفة وأرجاء مختلفة من الأزمنة والاماكن! لا يمكن ان نجتمع عن ماهية الحب الحقيقية، قد تقرأ في أحد الكتب على المراحل الثلاثة للحب؟ وقد تقرأ على المراحل السبعة! وربما يخبرك الأخرون بالمراحل الأحدى عشر؟! وقد يكون الحب لا يمثل إلا أحدى عشرة دقيقة من العلاقة الجنسية بين الرجل والمرآة كما كان يرى باولو كويلو، وربما يكون العالم بأجمع يدور حول تلك الأحدى عشر دقيقة المذكورة فقط! الجنس هو الحب، والحب هو الجنس؟ لا، لاعلاقة للجنس بالحب؟ أين الحقيقة إذن؟
خلاصة القول، الحب هو ما تراه أنت في نفسك، الحب لا تبحث عنه عند الأخرين، أبحث عنه بداخلك إذا كان موجود في روحك فهنيئاً لك، ومنكم من سيدخل اللحد دون أن يذوق الحب يوماً ولا يعرف ماهيته الحقيقية، ومنكم الشيكسبيري والأفلاطوني، والمحفوظي والدوستويفسكي، نحن مختلفون لا داعي للتماثل في الحب، ولا داعي للمثالية الزائدة، فالنفس البشرية دنيئة الطبع، أنانية الفعل، طامعة في الغير، إلا القليل الذين رحمهم ربي.
فأنت تعرف حب غير ما اعرفه، فلا تدافع عن الحب كأنه ملاذ الناس أجمعين، فمن يوم نزول أدم على الأرض ونحن نعرف الحب، وقد قٌتل هابيل في ذاك الوقت!
’’ وسوف تكون عبارة ( إلى اللقاء ) الكذبةالأخيرة ’’.
أخيراً - وشكرا على وصولكم إلى تلك النقطة -
هل كلام الكاتب يتناسب مع ديننا؟
في عامي الماضي، قرأت الكثير من المترجمات، حتى تشوش عقلي واضطربت افكاري ومبادئي الدينية نوعاً ما، وعندما شعرت بذلك، ذهبت سريعاً إلى شيخي - رزقه الله الجنة - مستنجدا به، يا أصدقائي الدين الاسلامي هو مركزية الفكر، هو المحور الذي يدور حوله كل شيء، علينا أن نقرأ كل شيء، نتقبل كل شيء، نتحدث معهم نحاورهم نسمع ارائهم، لكن في أخر الأمر إذا لم تعود بأفكارهم إلى مركزك الأساسي والمحور الذي تدور حوله والملاذ الآمن من الشريعة والفكر الإسلامي، فأنت في خطر
بالطبع كلام الله سبحانه وتعالى وهو أعلم من خلقه جميعاً لا يناسب هذا الكتاب، لكن يكفيني فقط أن اعيد كلام ديني عليّ وأن أقنع نفسي به مراراً وتكراراً، وألا أتبع اهوائي، ولا بأس بأن احكم بثقافتي مادام الكاتب حدثنا بثقافته. لكن هل ذلك سيؤثر على تقييمي الأدبي للكتاب؟ فلا وألف لا. بل سيجعلني لا أتبنى أفكار الكاتب وأسال الله ان يرحمنا من الفتن، ويزيدنا من العلم مما يجعلنا ندور في كتب الأرض كلها دون ضرراً صريحاً علينا.
’’ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ’’
صدق الله العظيم