You need to sign in or sign up before continuing.
Take a photo of a barcode or cover
A review by lina_bouslimani
زئبق by Amélie Nothomb, آميلي نوثومب, ناديا صبري
5.0
!!يا لصواعق السماء ورجومها
نهايتان لكتاب واحد... كل واحدة منهما تعكس أوجه نظر مثيرة للكاتبة
واحد من تلك الكتب... التي تترك صاحبها مشدوها لا يعرف ما ألمَّ به . غير قادر على تمييز الصواب من الخطأ : أنشفق على الجلاد ونَبكيه ؟ أم نذمه و نسخط عليه ؟
:القبطان لونكور
أفقده جنون الحب عوالم من إنسانيته فأصبح السجان ، الجلاد ، القذر الماجن الذي تعرى من كل أصول النبل و المنطق الإنساني ، مصيبته أنه دميم شقي أصابته الشيخوخة مبكرا و لازمته منذ كهولته...
عشق الجمال الجثماني ، وأراده لنفسه...جاب العالم ، باحثا عن ندرة التي هي نعمة الجمال
ضحيتان غللتا بقيود مأساوية إلى عجوز نذل لم تنقص شيخوخته من حدة شهواته ولا من نذالته.
قام العجوز بحيل ماكرة و وضيعة ليقنع زهرتان من روض الجنة (هازل و قبلها أديل) ، أنهما لم تتركا من البشاعة شيء ، وأن كربتهما الكبيرة كانت وجه وحش مشوه خلفه الحادث المؤسف الذي أصابهما ..أديل التي أنهت حياتها وهي تحاول الفرار لنيل حريتها من جديد..هازيل الحية الميتة أسيرة فكرها المقيد بهواجس خاطئة زرعها العجوز ليضمن حبسها داخل قلعة غريبة المنشأ ، لاشيء فيها يعكس الضوء . بحيث يستحيل للمرىء أن يرى اتعكاس وحهه، تعزلها عن العالم ، أو تحميها من عيون الآخرين لـ"بشاعة" منظرها ( كما اعتقدت هي).
فيما أن الحقيقة التي تتكشف لاحقا في الكتاب من طرف الممرضة " فرونسواز شافين" الشجاعة التي أنمت عن دهاء وفطنة هي أن هازيل تتمتع بجمال يأسر اللب . لم تكن الأخيرة لتصدق لأن محاولات الممرضة لإقناعها كانت لتبوء بالفشل : أولا ، لكون القلعة خالية من أي جسم عاكس . ثانيا : العجوز ينتصت لكل حديث بينهما .كما أن تشدد الحراسة يمنع دخول أي مرايا أو ما شابه.
لجأت فرونسواز إلى فكرة : الزئبق. تشتري موازين الحرارة يوميا ، كي تجعل من بركة الزئبق جسما عاكسا لترى فيه هازل صورتها الحقيقية ، كان ذلك ليستغرق عاما ...فطن العجوز للخدعة فسجنها. من أجمل صور المجاز التي قرأتها... كون الزئبق رمزا للتطبيب.
هل يمكن أن يحب المسجون سجانه ؟
شيء غريب...ومزعج . رد فعل هازيل عندما انكشفت الحقيقة وزهق الباطل ، موجهة المسدس نحو وجه مغتصبها وسجانها . هي أنها فعلا أحبت ولي نعمتها ...لا أعرف ماهية هذا الحب أو طبيعته : أهو شفقة و إقرار بمعروف ؟ أم هو حب أبوي . كلتا الحالتين أمرهما عجيب . ينفي المنطق أن إنسانا ، مهما بلغت عذريته و إنسانيته قادر أن يحب جلاده الذي جعل من حياته جحيما والعجيب أيضا أن الشيء الوحيد الذي أثار حفيظتها ، هو علمها بأديل ربيبة القبطان السابقة التي قاسمتها حظها من الجمال وكيف أن العجوز أحالهما كشخص واحد .لكنني أظن أن ثقلا ما ازاح عن صدرها عندما تركته في سبيله ومضت ...
أيغفر للعاشق خطاياه في سبيل معشوقه؟
لكن العجوز البائس عشق الجمال ظنا منه أن باقي البشر سرعان ما يملوا منه و أن ربيبته لن تحظى بحب يماثل حبه الأبدي ...كان على صواب وعلى خطأ في نفس الوقت.
أميلي تركني أعيد التفكير في واحدة من أكبر المفاراقات التي واجهتني في حياتي والتي لا أكلُّ أجد لها مخرجا …الجمال و حقيقيته : حب الروح دون الجسد و الإرتقاء مافوق المادية .