khuzyma's reviews
529 reviews

وسيلة وليست غاية: لماذا تناصر إيران القضية الفلسطينية by Trita Parsi

Go to review page

informative fast-paced

3.5

مدخل حسن جداً للمسألة الإيرانية من جهة تعاملها مع قضية فلسطين، وما المقاربات المعتمدة والدوافع المحرّكة في السياسة الإيرانية في علاقتها مع الإقليم عامةً. 
وتريتا بارزي متخصص في الباب، ومطلع بعمق على السياسة الإيرانية، ومحيط بتاريخها القديم والحديث إحاطة خبير، وله انشغال قديم في المسألة الإيرانية وطبيعة حكمها وحكامها ومسالكها في العلاقات الدولية خاصةً مع أمريكا وإسرائيل، وكتابه «حلف المصالح المشتركة» مرجع في هذا. وقد لخّص هنا الدافع وراء «حميّة» إيران لفلسطين في بضع عشرة ورقة، ومَن أراد التوسع فليرجع للمطوَّل. 
لكنَّ إيران دولة ذات طموح ولها استراتيجيات وأهداف بعيداً عن أحلام تحرير الأقصى، وقد نقل بارزي في «حلف المصالح المشتركة» كيف بعد سقوط حكم صدام بسرعة فاجئت مَن بقوا على صراع معه لثماني سنين دون أي إنجاز، ما جعلهم بعد أن رأوا «أنَّ بقاء النظام الإيراني نفسه بات على المحك، وضعوا كل شيء على الطاولة؛ حزب الله، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، والبرنامج النووي الإيراني… أذهل الاقتراح الأمريكيين، فهو لم يكن اقتراحاً رسمياً وحسب -إذ حصل على موافق المرشد الأعلى- بل إنَّ ما تضمنه من بنود كان مدهشاً أيضاً… في حوار حول الاحترام المتبادل، عرض الإيرانيون وقف دعمهم لحماس والجهاد الإسلامي والضغط على المجموعتين لكي توقفا هجماتهما على إسرائيل… وعرضت طهران التعاون الكامل في مواجهة كافة المنظمات الإرهابية وأهمها القاعدة… والقبول بإعلان بيروت الصادر عن القمة العربية، أي خطة السلام التي أعلنها ولي العهد السعودي في آذار ٢٠٠٢، والتي عرض الغرب بموجبها إبرام سلام جماعي مع إسرائيل [ضمن حل الدولتين]» (ص ٣٣٨-٣٣٩). 
وعلى طاري «القاعدة»، كان لإيران مطالب منها تسلّم مقاتلي الجماعة الإيرانية «مجاهدي خلق» مقابل تسليم مجاهدي «القاعدة». وكان هذا المطلب التكتيكي، وأمَّا الاستراتيجي كان «التوصل إلى تفاهم على المدى الطويل مع الولايات المتحدة» (ص ٣٤٠-٣٤١). 
 
وخلاصة كتيبه هذا ما ختمه به: «وفي حين أنَّ هذه الاختلافات التكتيكية [التحول من طلب ود الحكومات إلى الشعوب، ما يعني «تصعيد الخطابية ضد إسرائيل»] قد تكشف عن وجهة نظر مختلفة نحو العالَم، فإنَّ الهدف الاستراتيجي الأساس لا يزال هو نفسه: إدراكُ أنَّ إيران لا يمكنها تفعيل طموحاتها الإقليمية وضمان أمنها على المدى الطويل دون التوصل إلى اتفاق مع العرب السنة المحيطين بها. وعلى الرغم من أنَّ الميل تجاه العرب لم يثبت نجاحه استراتيجياً لإيران، إلا أنَّ إيران الملكية والإسلاموية وجدت نفسها مضطرةً لاتباع هذا المسار حينما أحسَّت بأنها في موقف قوة» (ص ٨٤-٨٥). 
*** 
للاستزادة: انظر كلمته: «Iran and Israel: Peace is possible». 
ولا تُغني عن الكتاب الأصل.
المعطف by Nikolai Gogol

Go to review page

emotional fast-paced

5.0

أحياناً، ياقةُ معطف، وبعض ترقيعات تقي البرد، أو معطف جديد يُجبَر عليه، هي كل ما يحتاجه إنسان ليكمل حياته دون إيذاء أحد (أكاكي أكاكيڤتش تعني حرفياً: لا يَريش ولا يَبري أو عديم الأذى)، لكن تحت الطغيان الإنساني وأبشع اختراعاته: البيروقراطية، حتى هذا لا يطيبُ به خاطرُ «المهمين».
الفصل بين النفس والعقل by عبد العزيز مرزوق الطريفي

Go to review page

informative inspiring fast-paced

5.0

يُذكرنا أحد المشايخ كل مرة بتنزيل كل ما نقرأ على أنفسنا، لا على الآخَرين. وفي هذا الكتاب خاصة فإنها نصيحة لا ينبغي العدول عنها، فإنه كتاب تُساس به النفس ويُحفظ به العقل، وإنَّ كتاباً هذه صفته حري أن يُعتنى به ويُكرر فيه النظر حتى تستقرَّ قواعده في الذهن فيُستحضر إن حرنت النفس، والأمر ليس بالهيِّن، فما ارتُج على العارفين إلا هذا، وما كُتبت كتب المُجاهدة إلا لتبيين مسالكه وإيضاح دقائقه علَّ أحداً ينجو. 
ويصلح هذا الكتاب الجامع أن يكون مقدمةً ومدخلاً لكتب السلوك؛ إذ لو لم يعرف المرء رغبة نفسه وحقوقها ومقادير غريزتها المطلوبة حتى لا تفسد، ولو لم يعرف العقل والمؤثرات فيه، وما يكون ما بين هذا وتلك من توافق وتنازع وتدافع وتجاذب وحدَّ كلٍّ منهما، وبغيَ هذا على تلك، وتحكم تلك بهذا، لَمَا انتفع كثيراً بالقواعد والأصول في هذا الباب. و«مَن لم يعرف مطامع النفس ومداخل الميول عليها، فإنه يقعُ في خطأ التطبيق ولو كان عالِماً، وكلما زاد علمه، كان ضرر جهله بنفسه عليه وعلى غيره أشد». (ص ١٥٩). 
ولم يقتصر المصنف على سياسة النفس، بل زاد على ذلك التعاملات اليومية ما بين الرجل والمرأة، والعالِم والمتعلم، وسياسة الجماعة والرعية، سلَّكَ ذلك كله في نظم الكتاب دون تقسيمات وتفريعات تخرج بالكتاب عن مراده، وهذا ضرب من التأليف والتصنيف قليل الشبيه، وأمارةٌ على تمكُّن صاحبه من زمام قوله وبراعة في الإبانة عن حجته. وقد تمرُّ بعض المسائل دون أن يدلل عليها صاحبها، فلو أدرتَ بها الفكر لرأيتَ حقيقتها ماثلةً في أحداثٍ ذاتية أو تفاعلات اجتماعية شتى، وهذا كذلك علامة على فهمٍ لآثار النفس والعقل في يومِنا ومعاملاتنا التي قد تمرُّ الأحداث وتقع النزاعات وتكثر الخلافات ويكون مردُّ ذلك إلى خللٍ في إدراك كنه أثرهما في الأمر. 
وفوق ذلك، فقد أبان المصنف في كل مناسبة عن إحكام التشريع، ومناسبة التكليف، وإنَّ هذا لمما يُسكِّنُ النفسَ، ويهديها، ويعبرُ بها إلى الرضا، وفي كل هذا يتجدد فهمك لعبارة الإمام الشاطبي التي أبانت عن الشريعة بأحسن قول: «المقصِد الشرعي من وضع الشريعة: إخراجُ المكلَّف عن داعية هواه، حتى يكون عبداً لله اختياراً، كما هو عبدٌ لله اضطراراً». (الموافقات ٢٨٩/٢). 
ولعل من أهم ما جاء فيه، تنبيهه على أثر النفس في العقل عند المتشرعة والمتدينين، لكثرة الغفلة عندهم فرحاً بما أوتوا من الهداية وهم في أنفسهم على غير ذلك، فتحجبُ النفسَ العقلَ بالمؤثرات وينقادُ العقل لها بدل أن يقود. 
 
وقد نُسج الكتاب على منوال كتب السلف، في الإبانة عن المراد دون تكلف تشقيق وتعنت في التفريع، بل جاء سائغاً مطَّرد الفصول، قريب المنال، لا يكدُّ الفكر على غير هدى ليصل لبغيته كما في تشدق الفلاسفة وتفيهقهم. والطَّريفي -كما في كتبه الأخرى- كاتب حسن الترسُّل يغرفُ لسانه من قلبه دون عناء، وعبارته عليها بهاء الأوائل وحسن سبكهم. 
والورقات التي تناول فيها سياسة الرعية والجماعة ومعرفة ما يصلح لها وكيف يصلح وضوابط ذلك لهي ورقات لا يدرك الوصف مدى نفعها وجليل أثرها. 
 
كتابٌ يقصر عن إيضاح حُسنه كثرة الكلام، ولا ينبغي أن يُفوَّتَ، ولا أن يفرِّط فيه المعافسُ للناس، وأولى من ذلك مَن يكابد نفسه -وليس ثمة عاقلٌ إلا ويكابد النفس ويجاهدها- فمَن عرفها على وجهها وعرَّفها حدَّها وأعطاها حقَّها فقد أحسن إلى نفسه وإلى الناس بشتى طبقاتهم وعلى اختلاف ظروف اختلاطهم. 
 
*** 
 
ولم أرَ اعتناءً في النفوس وإعمالاً لأنواعها وطبائعها في التعامل في أشدِّ الظروف وأحلكها وأدقها كالشيخ عطية الله، فذاك رجل أوتيَ حكمةً فيما أحسب، وقد عصم الله به أناساً وحفظ نفوساً، ثقَّل الله موازينه.